كنت قد قررت هذا العام أن أجعل الشهر الأخير منه هو شهر الغرق في عوالم نجيب محفوظ المميزة فمازال أمامي الكثير لم اقرأه لعمنا الحبيب نجيب محفوظ ، لكن الصدفة لعبت دورها حيث وجدت أني قمت بتقييم 999 كتاب علي موقع جودريدز ، و للمرء -خاصة المهندسين- ولع غريب تجاه الأرقام ، لذلك قررت أن اجعل تقييم الكتاب رقم 1000 كتاب مميز ، وأول ما جال في خاطري هو رواية ليالي ألف ليلة ، وهل كان يمكن أن يخطر علي ذهن المرء ما هو أفضل من أجواء ألف ليلة و ليلة التي تحمل رائحة مميزة يتنسمها كل عاشق لها ، ذلك بالإضافة إلي بصمة عمنا نجيب محفوظ عليها ، ولم يخب ظني ، الرواية عالم كامل ستغرق فيه بتفاصيله و رموزه ، وستجد نفسك تقارن بين الواقع والخيال و تحاول إقامة روابط بين ما هو كائن وما سيكون ، حقا إن الرواية ممتعة واستمتعت بها برغم أن هناك أجزاء اقل من أن تذكر لم ترق لي أو شعرت إنها استطراد مجبر عليه لتكتمل القصة ، راق لي بشدة الجزئية الخاصة بطاقية الإخفاء و معروف الإسكافي والجزء الأخير من الرواية بالطبع
الآن و بعد أن أتممت ألف تقييم برغم أن ما قرأته يتجاوز هذا الرقم بكثير إلا أن ما خرجت به من تجربتي مع القراءة و أود أن أشارككم بها ، هو أنني مازالت طفل عابث علي شاطئ المعرفة يظن أنه قد يعلم شئ لكنه في قرارة نفسه يعلم أنه جاهل مهما أظهر أو أدعي غير ذلك و كل ما فعله هو أنه بلل أقدامه بالمياه و فرح بذلك ، كلما انغمست في المعرفة أشعر بالحاجة إلي المزيد ، إنه نهم لا ينتهي و لن ينته إلا بالموت ،تعلمت أن لا أخجل من السؤال مهما بدا الموضوع تافها -من وجهة نظر البعض- و مهما كان رد فعل المحيطين ، و ثق بي بأن المرء لا يعلم إلي أين قد تقوده إجابة السؤال ، فهناك العديد من الارتباطات التي قد تحدث في ذهن المرء من إجابة سؤال بسيط ، القراءة وحدها لا تكفي للحياة ، إذا لم تخض تجارب الحياة و تصارعها فإنك اشبه بمن يظن أنه يحمل الهداية كالقديس في قصة تاييس و هو لم يختبر إيمانه بعد ، من السهل علي المرء أن يدع امتلاكه للعديد من الأخلاق و من أن يسخر أو يظهر غضبه للعديد من التصرفات لأنه خارج نطاق اللعبة ، لكن كم ستكون تصرفاته مثيرة للدهشة عندما يقع في ذلك النطاق ، في النهاية و بعد كل هذه الثرثرة التي لا أحبذها في بعض الأحيان فأنا مازالت جاهل و مازال أمامي الكثير لأتعلمه وأخوض في بحار معرفته ، فهناك وقت علي اغتنامه قبل أن يغتنمني ، أو ربما قد ألاعبه لعبة أخيرة لعلي أفوز ببعض الوقت لإشباع نهم لا ينتهي