طريقة انتقاء الكتب وعلاقتها بالقارئ أشبه بالعلاقة بين الجنسين ، فهناك من يجذبه اسم الكتاب أو الغلاف أو الاثنان معا ، كمثل الولد الذي ينجذب إلي الوجه الحسن أو تناسق الجسد لدي الفتاة ، و هناك من ينجذب إلي الكتاب نتيجة تجارب سابقة مع الكاتب أو سماعه عن جودة أعمال هذا الكاتب أو جودة الكتاب ، و هناك من ينجذب إلي تلك الكتب الضخمة ذات الأسماء الثقيلة أو عدد الصفحات الذي يحتاج من الزمن عمرا لإنهاء الكتاب ، و هناك القارئ المغامر الذي يري كل كتاب جديد أشبه بمغامرة جديدة أي كانت نتيجة هذه المغامرة ، وهناك القارئ الذي يعتمد علي حدسه في اختيار الكتب ويظن بأنه اكتسب خبرة من كثرة ما اشتراه و ما قرأه من كتب و قد يصيب أو يخطأ هذا الحدس مما ينعكس علي حالة هذا القارئ ، وهناك العديد من الأنماط المختلفة التي لا يتسع الحديث لذكرها ، لكن أساس العلاقة ما بين القارئ و الكتاب هي علاقة عشق و غرام
كان قابعا في كيس شفاف جذاب في ركن منزو محاط بكتب آخري مغلفة علي غير ما جري العادة في هذا المكان الذي اشتري منه في أسبوع بل ربما في يوم واحد ما يكفي حاجة المرء من كتب لشهور ، كان شكل الكتاب جذاب خاصة مع إحاطته بمثل هذه الكتب المغلفة فظهر بصورة الفتاة التي تصاحب أو تسير دائما مع من هم أقل منها جمالا وشأنا حتي تبرز هي ، كنت أتمني لو اشتريت جميع هذه الكتب المغلفة لكن الجولة التسويقية لم تجعل في الإمكان سوي شراء كتاب واحد فقررت أن اشتري ذلك الكتاب الذي يحمل غلاف مميز لصورة جروبي حيث تظهر عوامل التعرية للعواميد وعلي أحداها ذكر فوز الرواية بالجائزة التشجيعية للدولة ، برغم أن صورة الغلاف راقت لي مع العنوان الذي يحمل اسم قلوب منهكة وتحته المسلم اليهودي لكني لا أري وجود علاقة بين جروبي والأحداث أو حتي رمزية وسط البلد بالنسبة لأحداث
بعد ما انتهيت من هذه الرواية رددت في سري أني كنت أتوقع ما هو أفضل من هذا بكثير ، وخاصة مع امتلاك فكرة ممتازة تتمثل في شخصية جلال الذي ولد من أب مسلم توفي قبل أن يري ابنه نتيجه لجهوده الوطنية في 56 و أم يهودية ،من المفترض إذا وجود شخصية ستعاني من صراع حاد في تحديد الهوية الدينية لها ، بل وفي تحديد هويته وانتماءه الوطني ، وخاصة أن الأم وعائلتها هم من قاموا بتربية جلال لكني فؤجئت بسذاجة ومثالية زائدة عن الحد في هذه النقطة جعلتني أشعر بأجواء عالم سمسم ، حتي الصراعات و المشاكل التي برزت في الأحداث من كون أمه يهودية ظهرت بصورة طفولية بل حتي يوجد تناقضات في الرواية في هذه الجزئية فمثلا عندما تعلن الجدة بأن الطفل يتنسب لليهودية بسبب أمه ، لا تجد ذلك منعكسا علي الإطلاق في أسلوب التربية
من المفترض الآن ونتيجة وجود عائلة يهودية تتكون من الجد والجدة والأم و الأقارب أن ترصد الرواية علي الأقل الخط الاجتماعي لليهود في تلك الحقبة لكنه قصر الرواية علي بعض النقط البسيطة التي أراها لا تعكس أي شئ سوي رغبة الكاتب في ان يظهر جو التسامح في التعامل مع أفراد الشعب المنتمين لأديان مختلفة ، و بالطبع نتيجة للزمن الذي اختاره الكاتب للرواية حيث يوجد العدوان الثلاثي وهزيمة 67 وانتصار 73 فمن المفترض أن يوجد خط سياسي أو علي الأقل تأثيرات هذه الأحداث علي الأسرة أو علي اليهود في مصر بشكل عام لكني فؤجئت بأن هذا الخط شبه منعدم في الرواية
الرواية مليئة بالثغرات الدرامية في البناء الروائي ، و هناك العديد من الشخصيات التي لم تأخذ حيز مناسب لها في الرواية ، وهناك العديد من الخيوط الدرامية التي لم يتناولها الكاتب وقام بإهمالها مثل خط الأخ إيزاك الذي هاجر إلي اسرائيل ، فلم يوضح ما الذي حدث له هناك أو كيف أصبح الحال منتعش بالنسبة له و هو سفرديم سواء قبل أو بعد حرب 73 ، كما أن هذه الرواية لم تكتب في وقت واحد كما أري ، فهناك فرق كبير في الأسلوب والتعبير في بداية الرواية عن آخرها ، كما أغاظني و أنا اقرأ وجود كلمة مثل "تانت"
كما قام الكاتب بقتل الفكرة المميزة لروايته بيديه و حولها إلي رواية عادية ليس بها شيئا مميز ، فأنت ترصد شخصية جلال الذي يكبر ويحب بنت الجيران ويبادلها القبلات علي السلم كأي مراهق عادي يقع في علاقة حب أو هكذا يخيل له ، ثم بعد ذلك تكتشف العلاقة ويترتب علي ذلك بعد جلال عنها و رغبة عائلة الفتاة في تزويجها بمن لا تحب وبمن تراه العائلة مناسب لها ، وتشعر أنك تشاهد فيلم عربي قديم
لآسف شعرت عندما أتت النهاية كأن الكاتب أراد التوقف عن الكتابة وأن عدد الصفحات هذا كافي فتوقف لكن ما يشفع له في هذه النقطة هو أن هذه الرواية هي الجزء الأول من الثلاثية التي يريد الكاتب كتابتها أو التي قام بكتابتها، كما أني تعجبت لوجود صفحات بيضاء كاملة في الرواية وتم ترقيم هذه الصفحات !
في النهاية هي رواية تصلح لأن تكون فيلم عربي في زمننا الحالي