من أين نبدأ الحديث و القلب حزين !؟
قامت علي أرضنا حضارة لا ينكر عظمتها أو قيمتها إلا حاقد أو جاحد ، لكننا لآسف لم نهتم بهذه الحضارة إلا إذا تمكننا من العثور علي أي شئ ينتسب لها يمكن بيعه ويعود إلينا بأرباح سريعة تناسب ثقافتنا ونشأتنا ، فأنك إذا أردت أن تبحث عن أكثر رجل مصري اشتهر عالميا و ارتبط اسمه بالحضارة الفرعونية ولا يكاد يخلو أي فيلم وثائقي صور في مصر عن الفراعنة من وجوده هو وقبعته الشهيرة التي تحاكي انديانا جونز ليس سوي لص آثار محترم و جاهل بكثير من التاريخ الفرعوني لكنه أجاد عرض و تسويق نفسه كأيقونة ترضي فانتازيا الغرب ،و رغم كل هذا و لأننا نمتلك ميراث لا بأس به من الذكاء حتي في هذا الشأن فكثرة بيع التماثيل و الآثار أدي إلي انخفاض أسعارهم علي مواقع المزادات المختلفة
بينما الاهتمام الثقافي سواء كان متمثل في أدب أو معرفة أو سينما إلي آخره فنحن ندين بالكثير إلي الغرب أو الغرباء عن بلادنا بالكثير ، إذا نزعنا من ثقافتنا الروايات الأولي لنجيب محفوظ و أعمال سليم حسن و الأعمال السينمائية لشادي عبد السلام ما الذي سيتبقي لنا عن الفراعنة كأدب أو دراسة أو سينما إلا بعض الأعمال المشتتة هنا وهناك أو أعمال مغمورة لم يسمع عنها أحد إلا قلة قليلة متخصصة في هذه المجالات ، بينما نجد هنا مؤلف واحد مثل كريستيان جاك ذلك الرجل الفرنسي الذي انبهر بالحضارة المصرية القديمة حتي أنها فتنته عندما كان علي أرضها أثناء قضاء شهر العسل الخاص به حتي ظن أن حورس أرسل له برسالة ، قام هذا الرجل بكتابة روايات عن مصر القديمة والفراعنة مستندة علي أحداث ووقائع تاريخية في هيئة سلاسل مختلفة أشهرها سلسلة عن الرعامسة بيع منها أكثر من 10 مليون نسخة حول العالم ، لا تحلم في الوقت الحالي أن تجدها مترجمة باللغة العربية فربما لم يسمعوا بوجود هذه السلسلة أو بمجهودات هذا المؤلف عن الفراعنة من الأساس حتي الآن - صفحة المؤلف علي ويكيبيديا لم تترجم للعربية حتي الآن - ، بل أن تلك الرواية التي نتحدث عنها و المعنونة بنفر الصامت هي في الأصل أول رواية من ضمن سلسلة بعنوان حجر النور تتكون من 4 روايات ولم يتم تعريب باقي السلسلة حتي الآن
في هذه الرواية يعتبر محور الأحداث أو الطريق الرئيسي الذي تتفرع منه باقي الطرق هو المكان المسمي بساحة الحقيقة ذلك المكان الغامض الذي يضم أمهر الرسامين والنحاتين والفنانين إلي آخره ، ذلك المكان الذي يجهل الناس أسراره وتنسج حوله الأساطير ،الدخول إليه من أصعب الأشياء لكن الخروج والطرد منه من أسهل الأشياء ، برغم إن الرواية تقترب من 400 صفحة وبرغم هدوء أحداثها إلا أنك ستسير معها بدون أن تشعر بالوقت وستندمج مع كل ما يحدث من أحداث و صراعات مختلفة برغم تحفظي علي بعض الصدف التي حدثت في الرواية
الكاتب برع في إظهار صور كثيرة من مظاهر الحياة الاجتماعية لدي المصريين القدماء ، وإبراز مدي تفوقهم وتقدمهم في المجالات المختلفة ، وإن كان جانب الحياة الجنسية والحرية الجنسية لدي المصريين القدماء قد يسبب صدمة لدي البعض ، في بعض الجمل الحوارية شعرت بأن الكاتب من مصر و ليس من فرنسا
مثل جملة " نحن بلد تقاليد ليس من اليسير تغييرها "
و في رأيي هذا يدل علي مدي قدرة الكاتب ووتعمقه في فهم الشعب المصري
في النهاية نصيحة لا تقرأ هذه الرواية إلا إذا انتويت أن تكمل باقي السلسلة